العالم الرقميالمقالة الأسبوعيةخاص ليبابيديافادي رياض سعد

المشهد الإعلامي بين الواقع  والهوية الرقمية.

تمثّل التكنولوجيا  الرقمية لوسائل الإعلام والاتصال وشبكات التواصل الاجتماعي، إحدى أهم العوامل التي ساهمت في غضون بضع سنوات في تغيير المشهد الإعلامي في العالم. وساهمت في سرعة وصول المعلومة، لكنها لم تسهّل مهمّة الوصول إلى الحقيقة…

وبالرغم من الصعوبات التي كانت تواجه الإعلام في الوصول إلى المعلومة، إلا أن الأداء الشخصي والمهني والسلوك الأخلاقي للصحافي المحترف كان أساساً في مصداقية الخبر ومحتواه وبثّه بمسؤولية مهنية وإجتماعية، فالإعلام ووسائله هو المرآة التي تعكس داخل الإنسان وما يختزنه من فكر وثقافة ومناقب، ومدى انتمائه لمهنته، ويعكس أهمية القضية التي يحملها.

أيام الزمن الجميل كان الإعلام ينطلق من المعايير المهنية والاخلاقية الأساسية التي تتحكم في الممارسة الصحافية، ويخضع محتوى الخبر الى الهرمية الإدارية والتحريرية.

وتأتي هشاشة البنية المهنية في سياق تراجع الهرمية الإدارية والتحريرية، حيث أصبح إنتاج المحتوى يخضع لمعايير مختلفة تستند  الى (المدونين، تعليقات الزوار، ومحتضني الموقع…إلخ) والسرعة في إنتاج الاخبار دون اللجوء  إلى المعايير المهنية والاخلاقية الأساسية التي تتحكم في الممارسة الصحافية.

فقد حوَّلت فوضى الممارسة الإعلامية بعض الإعلام إلى حقل ابتزاز وتشهير من أجل الكسب المادي، الذي أفقده مصداقيته واستقلاليته ونزاهته. يضاف إلى ذلك ما شهدته الممارسات المهنية للعلاقات العامة من تطور، بطرق مبتكرة لتغذية وسائل الإعلام في البيئة الرقمية الجديدة بالمادة الإعلامية التي لا تمت للمهنية بصلة، ولا تنطوي على أية مسؤولية تجاه المواطن والمجتمع. ، وإقصاء الزمن والحدث الفعلي من فضاءات الواقع والاعتماد على الزمن الافتراضي المبرمج وكذلك تحويل هوية الإعلاميين والصحافيين إلى هوية جديدة يطلق عليها “الهوية الرقمية”.

هذه المعطيات الجديدة والأشكال المهنية التي تطوّرت بسرعة مع الثورة الرقمية، يعتبرها بعض الباحثين والمحللين، عوامل حقيقية ترتبط بالأساليب والقدرات التقنية التي فتحت إمكانيات جديدة للممارسة المهنية و أنتجت أشكالا جديدة في المهنة الصحافية وعلى مزاولتها وربط علاقتها بالحتمية التقنية، سمحت لابتكار وخلق إمكانيات وشروط جديدة للفعل المهني ولمجال حرية ومسؤولية الصحافي، وأدت الى الانتقال من العالم الواقعي إلى عالم افتراضي “العالم الرقمي” الذي ساهم في توفير الجهد والمال والوقت. وغيرت بصورة جذرية من طبيعة وقواعد ومناهج وأشكال الممارسة الصحافية من خلال إدخال التقنيات التكنولوجية التي ظهرت بسرعة وتم ادماجها في المهام الصحفية.

ومهما يكن من أمر… فإن الإنتماء “للوطن الإعلامي” والسلوك الأخلاقي والمهني للصحافي المحترف يبقى المعيار الوحيد والأوحد للمهنية والمصداقية، إذ يفسح المجال للفصل بين الوسائل الإعلامية (المرئية، المسموعة، المقروءة والألكترونية)، ووسائل التواصل الإجتماعي المتاحة.

فادي رياض سعد

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »