الدكتور نسر حدادخاص ليبابيدياكتّاب الموقعكتاب وآراء

د. نسر حداد: ألف عام من الإنتظار !

 

يبدو أن على أبناء هذا المشرق الإنتظار طويلًا جدًا ليخرجوا من عتمة التعصّب الديني الذي يغلّف حياتهم ويسبب مآسيهم الى رحاب التسامح ويقفون متساوين متآخين أمام شمس المحبة !…
ألف عام من الإنتظار قد لا تكون كافية أيضًا لهذا الكائن المنكوب بأفكاره الوهمية و “أحقاده” الدينية ليعود الى حقيقته الإنسانية الكبرى ويستيقظ من غيبوبته الدهرية ويعيد للعقل حرمته وهيبته ووقاره !…
لقد استمرت عملية الارتقاء الطبيعي لملايين من السنين حتى استقر الإنسان على شكله الراهن ولكن عجبًا! فبالرغم من كل تلك السنين المليونية التي سيرته منتصبًا بعد أن كان محدودب الظهر إلا أن تفكيره ظل مقوسًا وعصيًا على الاستقامة والتطور و الارتقاء !…
لقد ثبت أن هنالك فئة من البشر وهي منتشرة على وجه الخصوص في هذا المشرق التعس على عداوة مع الشمس والهواء والضوء لم تتطور ولم تتحور وإستمرت على وظيفة محددة : محاربة الحياة !..
أجيال تلو أجيال تمر فوق هذه الأرض المعذّبة بجهلها والحال نفسه والمعاناة ذاتها ، ولمن يريد معرفة العلة عليه أن يحدق ويصغي الى أولئك الذين اتخذوا من الدين ملهاة للناس ومطيّة لغسل عقولهم وسلمًّا ينزلون عليه الى قاع بؤسهم وتعاستهم بدل أن يصعدوا الى ملكوت السماء ويكونوا أقرب الى الله !…
تأملوا بعمق وهدوء أسباب المأساة الكبرى التي تغمر هذه الأرض منذ بداية التكوين وحتى يومنا هذا أليست من تجلّيات محنة العقل الكبرى التي اسمها الجهل ؟! وإلا ما سبب هذه الدوامة العبثية من الاقتتال باسم الدين وباسم الطوائف وهذا التشبث المميت بالبقاء في قعر الأزمنة السحيقة والموغلة في الانحطاط … ؟!
لقد كان معذورًا هذا الكائن البشري يوم كان يدبّ على الأربعة تقوده غريزته فيبطش ويقتل ويفترس بدافع البقاء ولكن ما هو عذره اليوم ليستمر بالهمجية ذاتها والتنكر لشرع العقل الأعلى والذي هو أعظم وأبهى ودائع الله فيه … ؟!
ما هو عذر هذا الكائن البشري في أن يكون عدو نفسه أولًا وعدو من حوله ثانيًا وبدافع من فهم خاطئ للدين الذي لم يأت ليفرق ويبني الحواجز بين البشر بل ليرشدهم إلى سبل المحبة ومكارم الأخلاق ومعرفة الذات حتى يتعرفوا من خلال ذواتهم على الله فإذا به يصرّ وبعناد أن يدير ظهره للحقيقة ويمعن في التردي والعودة إلى ظلمة الكهوف الأولى حيث نشأ في البدء وترعرع !…
يبدو أن على هذا المشرق الحزين الانتظار طويلًا حتى يهتدي ” إنسان” هذه الأرض الجميلة الى ذاته ويفهم الرسالة الكامنة في إنسانيته ويفتح عقله وقلبه للمحبة والحق والخير …

 

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »