المقالة الأسبوعيةخاص ليبابيديافادي رياض سعد

الهوية والوطن الخالد المتواصل في الزمان

خاص مجلة ليبابيديا نيوز

في ظل الأوضاع التي نعيشها والأَحداث المتسارعة محليًّا وإِقليميًّا، منذ العام 2011 وحتى اليوم، ثمةَ من يبدي قلقه  أمام ظاهرة النزوح المتزايدة  من أي تغيّر ديموغرافي يمكن أن يؤثر مع الوقت على الهوية اللبنانية…

قد يكون هذا القلق مبرراً لدى البعض،،، لكن لا أشاطرهم هذا القلق، لأن لا خوف على الهوية،،، مهما تعاظمت الأزمات، لن تلغي تاريخاً مشرقاً اضطلع به لبنان على مدى التاريخ، تاريخٌ حضاري وثقافي جعل منه مساحةَ جمال وثقافة وحرية، وجعل بيروت ملاذاً لمثقفي المنطقة وروادها في الأدب، والصحافة والفكر والفنون.

هذا الدور الرائد للبنان الذي تخطى الجغرافيا الصغيرة بمغتربيه ومهاجريه ومبدعيه، الذين نشروا حضارته وثقافته في الأرض التي وصلوا إليها، وشكّلوا على مدى التاريخ أهم وسيلة اعلامية سوّقت لبنان اعلامياً وثقافيًا وسياحيًا في العالم قبل ظهور الوسائل الإعلامية الحديثة.

وبالرغم من الإنكفاء القسري المؤقت الآن، فإن هذا الإرث الحضاري والثقافي الزاخر  هو ذاكرة لبنان التراثية، هو الوطن الخالد المتواصل في الزمان “ألأرض والإنسان والإبداع”،  يُعطي لبنان هويته الحضارية المتميَّزة.

فقد بات واجباً على كل لبناني صون هذا الإرث، وحمله في وجدانه وذاكرته وإعادة إحيائه، وتقديمه إلى العالم على المنابر والمنصات في المحافل الدولية، ليس بهدف التذكير بما يزخر به تاريخنا وحسب، بل لإستعادة حضورنا الحضاري والثقافي وتكريس هذا الحضورعلى الخريطة العالمية تاريخياً وحضارياً.

فالهوية ليست وليدة الديموغرافيا بل هي ابنة التاريخ، قد تتغير الديموغرافيا… لكن لا يمكن للتاريخ أن يتغير. الهوية هي الوطن،، وهي أَقدم وأَكبر وأَعمق من الدولة.. الدولة  تتغير بتغيُّر رجالها، لكن الوطن باقٍ بهويته أَيًّا يكُن نظام الدولة فيه. والهوية ثابتة ولن يؤَثِّر فيها نزوح أَو لجوء أَو تجنيس،،، ولا خوفَ عليها طالما جذورها راسخة في العمق.

 

فادي رياض سعد

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »