المقالة الأسبوعيةخاص ليبابيديافادي رياض سعد

الثقافة: “دبلوماسية الشعوب” و “وزارة خارجيتهم”.

“الدبلوماسية”

كلمة يونانية الأصل، مشتقة من كلمة “Diploma” المأخوذة من الفعل “Diplom” وتعني الوثيقة التي تصدر عن أصحاب السلطة و الرؤساء، وتمنح حاملها حصانة وامتيازات عديدة.

وتستخدم كلمة “الدبلوماسية” للدلالة على مجموعة الهيئات التي تتولى إدارة الشؤون الخارجية للدولة، كما تستخدم للدلالة على نمط السلوك، فيطلق كلمة “دبلوماسي” كمرادف “للَبَاقة والكياسة” التي يتحلى بها الإنسان في علاقته الاجتماعية، وتُطلق أيضًا على النشاطات التي يقوم بها أشخاص معيّنون ومكلّفون من حكوماتهم للقيام بمهمة خارج بلادهم سواء بصورة دائمة او مؤقتة، فهي علم وفن تمثيل الدول والمفاوضات وقد تعني الدبلوماسية مجموعة من الأشخاص القائمين بالوظيفة الدبلوماسية “السلك الدبلوماسي” سواء من يعمل منهم في وزارة الخارجية أو في الخارج.

“الدبلوماسية الثقافية”

إن مفهوم “الدبلوماسية الثقافية” موجود منذ القدم، حين مارسها المهاجرون، التجَّار، الرحَّالة، المسافرون، المدرِّسون والفنَّانون في رحلاتهم ومغامراتهم الاستكشافية، فقد كانوا “سفراء غير رسميين” أو “الدبلوماسيين الثقافيين” الأوائل، إذ استطاعوا أن ينشروا ثقافاتهم، وأن يتعرفوا ويتبادلوا ويمارسوا التفاعل الحي مع ثقافات الشعوب الأخرى.

تُصنّف “الدبلوماسية الثقافية” على أنها عنصرًا من عناصر “الدبلوماسية العامة”، وهي شكل من أشكال تبادل المعلومات وترويج الفنون والجوانب الأخرى للثقافة بين الأمم لتعزيز التفاهم المتبادل، وتشكّل عنصرًا هامًّا في الجهود الدبلوماسية الأوسع نطاقا، فالثقافة هي القوة الدافعة للعلاقات بين الشعوب والدول، كونها تشكّل البنى العميقة للمجتمع وتُتيح فهم خصوصيات المجتمعات الأخرى، وتعتبر شرطًا للوجود الإنساني، وحجر الأساس في العلاقات التي ينسجها الإنسان مع أبناء مجتمعه ومع المجتمعات الأخرى،

وتلعب “الدبلوماسية الثقافية” دورًا جوهريًا على صُعد تبادل المعلومات والتطوُّر المعرفي وترويج الفنون وغيرها من جوانب الثقافة التي تساهم في بناء الانسان وتطوير المجتمع وتقدمه وبلورة الوعي الانساني، الوطني والحضاري،. في ” العلم والتعليم والرسالية والعطاء”، “المواطنة والإنتماء”، “الفنون بأنواعها” “التاريخ والجغرافيا” إلخ……

لذا، فإن الثقافة، هي “دبلوماسية الشعوب” و”وزارة خارجيتهم”، نظراً لما تمتلكه من مقومات أكثر تأثيراً على الشعوب من العمل الدبلوماسي التقليدي الرسمي، الذي يتمثّل عادة في وجود سفير وسفارة وبعثة دبلوماسية. أما مفهوم الدبلوماسية الثقافية يتجاوز بأبعاده هذه الوظيفة البروتوكولية إلى تقديم صناعة ثقافية إلى جمهور خارجي، يهدف إلى تعزيز قوة الدولة ومكانتها، وبناء صورة ثقافية حقيقية، مقنعة ومؤثرة.

وبعيداً عن المعاني القاموسية لمصطلح الدبلوماسية وما طرأ عليها من تغيّرات عبر التجارب الإنسانية الطويلة، يبقى الدور الشخصي للدبلوماسية بمفهومها العام، هو ما يميز علاقة هذه الدولة بتلك، ويضفي عليها أبعاداً تتجاوز مفهوم البروتوكول وقواعد التمثيل، فالعلاقات الشعبية، هي التي أسست ومهدت لقيام العلاقات الرسمية والدبلوماسية بين الدول، التي جاءت تتويجاً لهذا التمازج والتقارب بين الشعوب  قبل أن تأخذ طابع التمثيل الدبلوماسي الرسمي وتبادل السفراء.

فادي رياض سعد

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »