كتاب وآراء

راوية المصري: “‏أرقام مجهولة الهوية”

 

في ظلال الدمار، عندما تُخترَق السماء بزئير القنابل القاسي، وترتجف الأرض تحت وطأة مأساة لا توصف، يُحول العالم نظره نحو العناوين والألقاب. ومع ذلك، في خضم هذه الفوضى، يكمن صمت مُفجع. إنه صمت الأرواح البريئة التي هلكت، الأطفال الذين تحطمت أحلامهم تحت الأنقاض، والعائلات التي تُركت لتنوح في بحث يائس عن أحبائها.

لماذا، تركز العناوين بشكل مكثف على أسماء القادة وسيرة حياتهم وانجازاتهم…

بينما تبقى قصص الذين استشهدوا بسببهم غير مروية؟ هذه الأرواح، التي انتهت في لحظة، هي أكثر من مجرد أرقام أو خسائر جانبية. إنها أحلام غير محققة، قصص غير مكتملة، وقصص حب متوقفة للأبد.

الإعلام، باعتباره مرآة ضميرنا، لماذا لا يُكبر أصوات الذين يصرخون بالأوامر، بل أيضًا همسات الذين تم إسكاتهم. لأنه ليس جبروت أولئك في السلطة هو ما يحدد قصة الإنسانية، بل قوة وشجاعة المجهولين، الذين يتلقون ثقل القرارات المتخذة في قاعات السلطة البعيدة.

لنتذكر أنه تحت كل عنوان، يوجد قلب إنساني مكسور. ووراء كل إحصائية، توجد عائلة محطمة. يجب على الإعلام أن يُضيء ليس فقط الأحداث، بل التكلفة الإنسانية أيضًا. لإكرام الراحلين، يجب أن نروي قصصهم، ونذكر أسمائهم، ونعطي شهادة على حياتهم.

إلى أولئك الذين يبحثون في الأنقاض، يبحثون عن بقايا أحبائهم، لا يجب أن تتلاشى صرخاتهم في النسيان. لأنهم هم حاملو البطولة والأمل الحقيقيون، حيث يتمسكون بالحب في وجه الفقدان الذي لا يُتصور.

اين العدالة لمن لا صوت لهم. لنتذكر أهمية كل حياة، كل روح غادرت. لأنه المنسي والمُتجاهل الذي يحتاج إلى أصواتنا أكثر من غيره. يجب أن لا نعيد بناء الهياكل فحسب، بل نستعيد الكرامة لمن لا يستطيع سرد حكايته.

في هذا العصر من المعلومات، لنسخر قوة الإعلام للبحث عن الحقيقة والرحمة. عسى أن يصل همس الأبرياء إلى أبعد من أصداء العنف. وعسى أن نجد الشجاعة لتكريم القصص غير المروية، ونرفعها من الظلال إلى النور حيث تنتمي بحق.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »