كتاب وآراء

دعوة ارسلان «لمؤتمر تأسيسي» ترتبط بالكيان أم بالنظام؟ شروف لـ«الديار»: وصلنا الى طريق مسدود وتوجد مُشكلة يجب حلّها

المصدر: “صحيفة الديار – كمال ذبيان”

تتكاثر «العروضات السياسية» حول لبنان كياناً ونظاماً، وتتقدم الطروحات من الاطراف السياسية والطائفية، في نظرتها الى وطن لم يستقر، اقله خلال قرن على انشائه من قبل المستعمر الفرنسي الجنرال غورو، فهو قام على تسويات لم تؤسس لمؤسسات، وفبرك «صيغة عيش مشترك» كانت نتائجها ازمات سياسية ودستورية واقتتال اهلي وحروب طوائف، كانت تستنجد بالخارج على «الشريك في الداخل».

لذلك ينشط دعاة «الفدرالية» المقنعّة بالتقسيم الديمغرافي الطائفي والجغرافي المناطقي، وتحت شعار رفعه رئيس حزب «الكتائب» سامي الجميل، وهو «لكم لبنانكم ولنا لبناننا»، وبدعوة صريحة «للعيش الطائفي» كل في بيئته، ومثله يدعون الى لبنان بهوية دينية وليست ارضية، او الانتماء الى ارض، التي اقتتلوا على السماء عليها ففقدوها.

ولا تقتصر الدعوات الى الطلاق والانفصال على طرف سياسي او حزبي، بل تمتد الى كل المكوّنات، التي تقدم الانتماء الطائفي على الوطني، وتتحدث اطراف مسيحية عن الخطر الذي يتهدد المسيحيين بوجودهم وبحقوقهم، في وقت يشعر الدروز بان دورهم قد بدأ يتلاشى، فلم تعد لهم وزارات سيادية ولا مواقع رئيسية في وظائف الفئة الاولى، وان مرجعياتهم السياسية تسعى للحفاظ على ديمومتها وسلطتها، في وقت نال الشيعة «المثالثة» من خلال وزارة المال، وهو مطلب يعود الى ثمانينات القرن الماضي ومورس باساليب شتى، فتم تحصين رئاسة مجلس النواب، وهو ما كان للطائفة السنية في تعزيز صلاحيات رئيس الحكومة واختياره من قبل النواب والزام رئيس الجمهورية به، بعد ان كانت تسميته محصورة به، فجرى تحصينه بالاكثرية النيابية.

من هنا، فان لبنان مفتوح على ازمة دائمة وفتن متنقلة، ولن يستقر لان حقوق الطوائف تتقدم على حقوق المواطنين، وفق ما ورد في تقارير وتحليليات تعرض اسباب الازمة، التي عالج بعضها اتفاق الطائف، لكن بنوده لم تطبق، وفيها اصلاحات جذرية مرتبطة بالغاء الطائفية في قانون الانتخاب والوظيفة، الى الانماء المتوازن واللامركزية الادارية، لذلك خرج رئيس مجلس النواب نبيه بري ليؤكد، بان البحث في تغيير «اتفاق الطائف» في هذه المرحلة تضييع للوقت، وكان حزب الله سبقه للاعلان عن انه آخر من يفكر بالغاء «اتفاق الطائف»، وتقاربهما مع الطائفة السنية بتمسكها به، وما اعطاها من صلاحيات لرئاسة الحكومة، في حين ان الحزب «التقدمي الاشتراكي» يطالب بانشاء مجلس الشيوخ المحجوزة رئاسته للطائفة الدرزية، مع تطبيق كامل لبنود الاتفاق، وهو لا يتفق مع رئيس الحزب «الديموقراطي اللبناني» طلال ارسلان الذي يدعو الى مؤتمر تأسيسي منذ العام 2009، وهو في موقع معاكس لحليفيه حزب الله، الذي تراجع عن فكرة «المؤتمر التأسيسي»، وبري الذي يؤكد ان الطائفة الشيعية حسمت موقفها بان «لبنان وطن نهائي»، والطائف اوجد اصلاحات للنظام.

وقد التبست دعوة ارسلان لمؤتمر تأسيسي، وهو ما يكرره دائما، اذ حمل موقفه تساؤلات ترتبط هل ان الفكرة تعيد النقاش حول تأسيس الكيان، الذي نشأ في اول ايلول 1920، ام في البحث بالنظام، الذي برأي ارسلان هو وراء ازمات لبنان؟

وفي هذا الاطار، اكد الامين العام للحزب «الديموقراطي اللبناني» البروفسور وسام شروف لـ «الديار» بان ما طرحه رئيس الحزب ارسلان، له علاقة بالنظام وليس بالكيان، فالدعوة الى مؤتمر تأسيسي هي من اجل البحث في نظام افضل للبنان، بعد ان سقطت كل صيغه وتسوياته، ولم يطبق اتفاق الطائف الذي مرّ عليه نحو 34 عاماً، وهذا يفرض على اللبنانيين التداعي الى مؤتمر يسمى تأسيسي او اي اسم آخر، ويكون البحث فيه باسس النظام وليس بتأسيس الكيان.

وسبق ان عُقد للبنان من اجل حل ازماته ووقف الحروب التي حصلت فيه، مؤتمرات او اجتماعات عدة، سواء في سوريا او لوزان وجنيف والطائف والدوحة، اضافة الى مؤتمري القاهرة والرياض في العام 1976، واجتماعات في الجزائر والكويت وتونس، وكل هذه الدعوات كانت للبحث في الازمة اللبنانية. من هنا، فان الحزب «الديمقراطي اللبناني» مقتنع بان هذا النظام السياسي وصل الى طريق مسدود، ولا يمكن الاستمرار به، يقول شروف، ولا بدّ من صيغة جديدة، تسمى «عقد اجتماعي» او «مؤتمر تأسيسي» او غير ذلك، فالمهم ان هذا النظام هو مسبّب الازمات والفتن والحروب، ويضع اللبنانيين دائما في حالة استنفار طائفي، واذا لم يتم البحث بالخلل في هذا النظام، فان لبنان سيبقى على توتره وعدم استقراره، ويستدعي الدول اليه دائما.

فالحزب «الديموقراطي اللبناني» يذهب الى العلة مباشرة، وتلاقيه احزاب واطراف سياسية بان هذا النظام لم يعد يؤمّن الاستقرار، وهو مشكلة يجب حلها حيث تنوعت الحلول من الحياد الى التدويل، وهو ما يطرحه البطريرك الراعي، والذي لم يوافقه بري عليه، او الى «الفدرالية» التي ينشط الداعون لها في اميركا تحت مسمى «المنطقة الحرة» الخارجة عن نفوذ حزب الله، وهذه مسألة خطيرة تذكر باعوام الحرب الاهلية.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »