كتاب وآراء

راوية المصري: “اسرار الوجود الخفية”

 

لم أشعر بالرغبة الكافية بالبكاء في ذلك الوقت، الحب كان شيئًا في الأنفاس، عندما تُغادرك اللهفة يصبح في الصدر خلوٌ يؤرق النفس. كان هذا قبل أن أدرك أن الحب لا يحتاج إلى سبب كي يكون أسمى وأعظم. أخيرًا، أدركت الآن أن الحب يحمل أكثر من معنى، إنه ذلك الشيء الذي يجعل الحياة تستحق العيش، ومن بعد ذلك، كل الأشياء تصبح ضحلة؛ لأن الحقيقة هي أننا إذا أحببنا بعمق، فإننا نعيش بعمق.

وفي تلك الأوقات المفعمة بالأسئلة التي لا يقوى عليها العقل الأرهف، نكتشف أن الحب كان يقول لنا بلغة لا نفهمها أن هناك أسرارًا للوجود خفية، ستظل خفية لكنها تفسر كل الآهات والأنات. فلسفة الحب ليست في اكتشاف أسراره، وإنما في السماح له بتغييرنا، السماح له بأن يكون تلك المرآة التي نرى فيها أفضل نسخة من أنفسنا.

توسّعت في تأملاتي، بدأت أرى أن الحب هو نسيم الربيع الذي يمر بسهول الروح الزرقاء، يحيي الزهور بعد سبات طويل. هو ليس مجرد شعور يطير في الهواء، بل هو حالة فريدة، كأنه تيار كهربائي ينبعث من القلب، يشحن الجسد والروح بفيض من الحياة.

عندها أدركت، أننا نجد في الحب ملاذًا من كل الأحزان والآلام. الحب هو الضوء في نهاية النفق المظلم، هو الشمس التي تشرق بعد ليل طويل معتم. إنه القطرة الباردة التي تلامس صحراء العطش في قلوبنا، هو البحر الذي يغسل أرواحنا من الأعباء، والمطر الذي ينبت فينا بذور الأمل.

وفي النهاية، الحب هو ذلك الشيء الذي يربطنا بالحياة بكافة تفاصيلها. يجعلنا نعيش كل لحظة وكأنها الأخيرة، يجعلنا نعيش بماهية الإنسان الحقيقية. يجعلنا نشعر بأننا نستطيع أن نحلق في السماء ونغوص في أعمق البحار.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »