الدكتور نسر حدادكتّاب الموقعكتاب وآراء

قبل فوات الأوان …

كتب نسر حداد

يكثر الحديث يوميا” ومنذ مدة قصيرة حول موضوع النازحين السوريين وما يرافقه من ضوضاء وتجييش مشاعر الكراهية تجاه من يفترض أنهم أشقاء من دولة شقيقة وذنبهم أن مؤامرة دولية كبرى أصبحت معروفة للقاصي والداني حيكت لسوريا لتقسيمها وتفتيتها كحلقة من مسلسل تقسيم المنطقة وما يسمى بدول الطوق بشكل خاص ونشر الفكر التكفيري الإرهابي في هذه الدول من ضمن خطة دقيقة وخطيرة لإبقاء شعوب المنطقة في دوامة من الأقتتال المتواصل فيما بينها ، و”ذنب” هؤلاء النازحين أيضا” أن من ضمن بنود المؤامرة الكبرى دعمهم إقتصاديا” وماديا” لتثبيتهم حيث هم بحيث “يطيب لهم الجو” ويصبح من الصعب إقناعهم بالعودة الى ديارهم خاصة بعد أن عملت الدعاية الموالية لأصحاب المؤامرة من داخل لبنان وخارجه على تصوير عودة النازحين بأنها غير آمنة وصورت “نظام الأسد” بأنه “البعبع” الذي ينتظرهم لينكل بهم وينتقم منهم والكل يعلم علم اليقين بأن غالبية النازحين في لبنان هم من الموالين للنظام في سوريا وجزء كبير منهم يدخل ويخرج الى بلده بسلاسة وأمان مطلقين وهذه الشماعة التي يستخدمونها لم تعد تنطلي على أحد أبدا”…
ولكن ما يجدر التوقف عنده وتسليط الضوء عليه ليس فقط آلاعيب الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية في موضوع النازحين إنما موقف الفريق اللبناني المعادي “لنظام الأسد” والذي وقف وبقوة أمام عودة النازحين وذلك ليس حبا” بهم وهو المعروف بشوفينيته وتعصبه وإنما تماهيا” مع أجندات الخارج ما يدل على مسألتين خطيرتين : المسألة الأولى هي تنكرهم لشعار السيادة الذي إحتكروه لأنفسهم طيلة السنوات القليلة الماضية وشغلوا به الكون والمسألة الثانية هي قصر النظر في معالجة هذه القضية التي هي على درجة عالية من الحساسية والتي كما نرى تشكل قنبلة موقوتة قد تنفجر بأي لحظة فلا تبقي حجر على حجر …!
وقد بدأ هذا الفريق يستشعر الخطر الداهم الذي يشكله هذا الموضوع والتغير السلبي في المزاج من هذه القضية عند جمهوره لذلك نراه يضم صوته اليوم الى المنادين بعودة النازحين ولكن بشرط عدم التنسيق مع النظام السوري “المجرم” بحسب وصفهم وهذا أيضا” يدل على “ولدنة سياسية” و “عناد صبياني” خارج السياق وغباء سياسي وتعامي عن المتغيرات الحاصلة على المستوى الإقليمي من إنفتاح عربي على سوريا …
قد لا يستطيع بلد مثل لبنان الوقوف في وجه تنفيذ هذه الخطة الدولية الخطيرة وهو على هذه الحال من تفكك المؤسسات والمناكفات العنيفة بين أحزابه ومكوناته من كافة الطوائف ويعيش أزمة إقتصادية غير مسبوقة في تاريخه يضاف اليهم عامل الضغط الهائل من الدول الأجنبية صاحبة مشروع دمج النازحين بالمجتمع اللبناني بوقاحة وصفاقة لا مثيل لهما وخاصة بعد أن إنتشر النازحون على كامل مساحة لبنان تقريبا فلم يقتصر وجودهم فقط ضمن مخيمات محددة إضافة لموضوع لافت ومقلق جدا” بنفس الوقت وهو تزايد عدد النازحين نتيجة الإنجاب “المفتوح” من دون ضوابط ولا يستبعدن أحد أن يأتي وقت ليس ببعيد وبتحريض من أصحاب المؤامرة يطالب فيه النازحون بالحصول على الجنسية كحق مكتسب لأطفالهم الذين ولدوا في لبنان وهذه ستكون الشرارة التي ستشعل إنتفاضة عارمة” تضاف الى الغضب العارم الذي يعتمل الآن في نفوس غالبية اللبنانيين نتيجة هذه المؤامرة التي تحاك ضدهم !
نقولها وقبل فوات الأوان حيث لن ينفع الندم ومن قناعتنا أن لبنان يحيا بالآخاء مع سوريا وليس بالعداء لها وكذلك سوريا الشقيقة الكبرى للبنان تحيا بالآخاء مع لبنان وبفتح صفحة جديدة بينهما وأخذ العبر من التاريخ الحديث بين البلدين وعلاقتهما التي شابها الكثير من الأخطاء القاتلة والتي أدت الى النفور و تأجيج “الكراهية” بين بعض مكوناتهما ، نقول دعوا ملف التفاوض حول عودة النازحين وطنيا” عالأقل بيد من تربطه علاقة وطيدة مع النظام في سوريا وكلمته ورأيه مسموعان لدى القيادة هناك وله مصلحة إستراتيجية عميقة بعودة النازحين الى بلدهم كيلا يتم إستخدامهم كعامل جدي في تغيير التركيبة الديموغرافية ذات الصبغة المذهبية المعروفة سلما” أو كفريق وازن مسلح بذات الصبغة حربا”… !
مما لا شك فيه أن الموضوع دقيق وخطير إذا لم يتم التعامل معه بروية وحكمة وتبريد الرؤوس الحامية التي قد يؤدي خطابها الفتنوي التحريضي اللامسؤول إلى عواقب كارثية تخدم المتربصين بالشعبين وتكون وبالا” على لبنان و سوريا معا”…! القضية معقدة وشائكة نتيجة تداخل المصالح الإقليمية والدولية وتعدد الولاءات الخارجية للأحزاب في لبنان وتنوع الأجندات عند كل فريق و”الكباش” الحاصل بين محورين في المنطقة والعالم نتيجة التحالفات الجديدة والحرب الدائرة سرا” وعلنا” وسعي كل محور لتوظيف كل قضية لخدمة مصالحه وقضية النازحين ذات وزن وجدوى بالنسبة للمراهنين عليها محليا” ودوليا” …
مما لا شك فيه أن هنالك تحولات كبرى تحصل في العالم وهنالك بوادر حلحلة للقضايا الشائكة في الإقليم نتيجة التفاهات بين خصوم الأمس تجعلنا نتفاءل خاصة إذا الأفرقاء على الساحة اللبنانية عقدوا العزم وصفوا النوايا حقنا” للدماء فقد إرتوت هذه الأرض المنكوبة حتى الثمالة من دماء الأشقاء …

إن كافة المقالات الواردة ضمن موقع “ليبابيديا نيوز” تعبّر عن أراء كتابها ومصادرها وعلى مسؤوليتهم، وموقعنا غير مسؤول عن مضامينها

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »