كتاب وآراء

د. نسر حداد: “ذر الرماد في العيون !”.

طالعتنا الصحف الأميركية في الآونة الأخيرة بخبر مفاده أن نتياهو في لقائه الأخير مع وزير خارجية أميركا رفض كل طلبات واشنطن وأصر على إكمال خطته في غزة حتى النهاية !
أمر يثير السخرية والضحك فعلًا !
لا شك أنه قد إختلط الأمر على محرري الصحف الأميركيين ربما أن من يدير الدولة العميقة في بلادهم وفي إسرائيل لديهم نفس الخطة والدوافع والرؤية حول مستقبل غزة كما أن الصحف نفسها غفلت حقيقة مهمة وهي أن نوايا بلينكن بالأساس وميوله القومية وولاؤه الحقيقي هو لإسرائيل قبل أن يكون لأمريكا التي وبحسب معتقده الديني يجب على هذه الأخيرة أن تكون في خدمة إسرائيل (موطن أجداده) وليس العكس ، وهو ليس سوى موظفًا منتدبًا من اللوبي اليهودي لتنفيذ مهمات محددة ومنتقاة بعناية له ضمن فريق الإدارة الاميركية !
ومسألة أخرى قد مرت على الأرجح مرور الكرام عند البعض ولكن المدقق في لغة الجسد قد لاحظ بلا ريب كيفية جلوس بلينكن في لقاءه الأخير مع نتنياهو والذي طبلوا له قبل حصوله وكثرت التحليلات المتفائلة حوله بإعتبار أن جولة وزير الخارجية الأميركي هذه بالتحديد ستفضي إلى “الضغط” على إسرائيل لوقف عدوانها على غزة والبدء في بحث خطة حل الدولتين !!!
هل أن الطريقة التي جلس فيها بلينكن حين شبك أصابع يديه على ركبته كأنه يجلس مع صديقه في مقهى توحي بشيء من الوقار لوزير خارجية أعظم دولة في العالم أو تدل على جدية المهمة التي جاء من أجلها في ظرف بالغ الخطورة والتعقيد وإزاء مجزرة ناهز عدد ضحاياها الثلاثين ألفًا أغلبهم من الأطفال ؟!!
من السذاجة بمكان لمن خبر واشنطن وأسلوب إدارتها للأزمات الدولية وبخاصة ما يتعلق بأمن “طفلتها” المدللة أن تنطلي عليه سياساتها التي هي بنسبة مئة بالمئة لصالح إسرائيل وما التسريبات والجولات والزيارات سوى لذر الرماد في العيون والتمويه ولإلهاء شعوب المنطقة وضخ جرعات من الوهم والتضليل بينما يجري في ذات الوقت تدمير ممنهج من ضمن إستراتيجية دقيقة متفق عليها مع واشنطن بتسوية غزة بالأرض عملًا بسياسة الأرض المحروقة وجعلها غير قابلة للحياة بهدف تهجير سكانها خاصة وأن الفرصة مؤاتية لهم ما دام العالم يتفرج بصمت ولا حول ولا قوة له سوى الصراخ والجعجعة من بعيد عبر المظاهرات والإحتجاجات التي لا تسمن
ولا تغني من جوع !
خلاصة القول أن الأمم قد تمر بمآسي ونكبات فلا يكون لها خلاص منها بالكلام والثرثرة والوعود الكاذبة إنما بالقوة الذاتية التي هي القول الفصل في ردع المعتدي وإسترجاع الحق وسحق الباطل !…

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »