كتاب وآراء

ذكرى يوسف بك كرم قائمقام النصارى في ١٧ تشرين الثاني ١٨٦٠

اعداد الباحث روي عريجي – الشبيبة الإهدنية

يصادف اليوم تاريخ تعيين يوسف بك كرم قائمقامًا لنصارى جبل لبنان وذلك في ١٧ تشرين الثاني من سنة ١٨٦٠.

وسأعرض هنا لمحة مختصرة عن اتمام هذا التعيين والاستقالة منه.
بعد حوادث لبنان التي حصلت من ٢٣ أيار حتى ١١ تموز من سنة ١٨٦٠ بين الدروز والموارنة والتي عُرفت بـ”مجازر ١٨٦٠”، تشكلت لجنة دولية من فرنسا والنمسا وبريطانيا العظمى وبروسيا وروسيا وتركيا والتي هدفت الى التحقيق في تلك الحوادث لبنان. وتأليفها أتى بناء على طلب فرنسا التي ارسلت اسطولها لحماية المسيحيين خلال المجازر بقيادة الجنرال هوبول دي بوفور بعد توقيع تلك الدول بروتوكولا بتاريخ ٣ آب ١٨٦٠ في وزارة الخارجية الفرنسية.
ولما اصبحت تلك الدول هي مقررة شؤون لبنان تقرر تعيين قائمقاما للمسيحيين بعد عزل وزير خارجية تركيا فؤاد باشا للأمير بشير احمد ابي اللمع من منصبه بسبب مواقفه الملتبسة خلال حوادث ١٨٦٠ وشغور القائمقامية المسيحية من رأسها.
ودارت الخلافات بين الفرنسيين الذين يعتبرون نفسهم حماة الموارنة في لبنان.
فالمسيو بيكلار المندوب الفرنسي في لبنان والذي لديه معرفة في تفاصيل الحياة السياسية اللبنانية طرح يوسف بك كرم ليكون هو القائمقام وبدأ يحشد لهذا الأمر، في مقابل رأي الجنرال دي بوفور الذي يريد للمعيين اعادة استلام القائمقامية، وفي النهاية رُجحّت كفة كرم بسبب كيفية تعامله مع الحرب وسعيه الى انهائها ناهيك عن مكانة بيته ومنطقته.
وهنا سأنشر حرفيا قرار تعيين كرم لهذا المنصب والذي نُشر في “مجموعة المحررات السياسية والمفاوضات الدولية عن سوريا ولبنان – تعريب فيليب وفريد الخازن صاحبي جريدة الأرز، في الجزء الثالث ص ٦٥-٦٦”، والموجودة بحوزتنا.
“ الفرمان الذي اصدره فؤاد باشا بتعيين يوسف بك كرم قائمقام نصارى لبنان وتوجيه رتبة قبوجي باشى (وهي رتبة شرفية) اليه في ٣ جمادي الأول ١٢٧٧ الموافق في ١٧ تشرين الثاني ١٨٦٠

توجيه الرتبة
قبوجي باشى دركاه عالى
ان افتخار الاماجد والاكارم من اركان اهالي جبل لبنان يوسف كرم بك دام مجده من كونه من ارباب الدىراية ولوجوه عديدة مستحق نوال العواطف السنية، فبموجب أمر وارادة الجناب الشاهانية المعتادة الاحسان التي صار التفضل بشرف سنوحها وصدورها قد توجه على المومى اليه من العواطف العلية الملوكانية رتبة دركاه عالى قبوجي باشى المذكورة.

الفرمان الشاهاني
“ دركاه عالى قبوجي باشى رفعتلو يوسف كرم بك
انه قد وجد مناسب الآن انفصال عزتلو الأمير بشير احمد الكائن قائمقام على النصارى في جبل لبنان وان تتفوض وكالة القائمقامية المذكورة لعهدة ذات من اصحاب الرشد والاهلية، ومن كون ذاتكم من اركان اهالي الجبل ومن ارباب النظر واللياقة ومأمول ومنتظر منكم بكل الاوجه ابراز حسن الخدمة والغيرة، فقد تفوضت وكالة القائمقامية المذكورة لعهدة خدماتكم. ثم وان تكن هذه الادارة التي احيلت الى عهدتكم هي موقتة، فيما اذا حصل ادنى تغيير في النظامات الموجودة والمرعية في القائمقامية المذكورة، فمن المقتضي ان يصيرتسوية امور المصالح للادارة المذكورة تطبيقا لاحكام نظاماتها القديمة المؤسسة كما كانت، فيقتضي ان، بموجب رشدكم ملاحظاتكم الذاتية، تهتموا بحسن ادارة الامور والمصالح الواقعة التي هي وظيفة القائمقامية المذكور المعينة، وتداوموا على حسن محافظة رفاهية وراحة تبعة السلطنة السنية، وتهتموا وتقدموا على الدوام لاستحصال اسباب استراحة وامنية الاهالي والسكان عموما، ويقتضي ان تبذلوا الهمة والدقة لكي لا يحصل ادنى خلل وحركة لافا للاصول والنظام. واعلانا بمأمورية وكالتكم قد صار اسكار وتسير بيولوردينا هذا من ديوان نظارة الامور الخارجية والمأمورية المخصوصة باصلاحات عرب بستان بالاستقلال بموجبه توفوا الوظيفة بابرازكم حسن الخدمة والصداقة.
الامضاء: فؤاد
في ٣ جمادي الاول سنة ١٢٧٧
الموافق ١٧ تشرين الثاني ١٨٦٠ ”
وبعد تعيينه اتخذ من دوائر الجمارك في جونية مقرا لقائمقاميته لقربها من بيروت عوضا عن بكفيا الجبلية.
ورغم اوضاع لبنان الصعبة جدا بعد الحرب وفوضاها حكَم يوسف بك كرم سبعة اشهر استطاع خلالها توطيد الأمن بحزم وقمع تمرد طانيوس شاهين المشبوه، وجباية الضرائب وتنظيم ادارة القائمقامية.
وامام الدسائس التي بدأ يحيكها المقربون من الجنرال دي بوفور قائد الحملة الفرنسية والذي اصبح مؤثرا اكثر من المسيو بيكلار المندوب الفرنسي في السياسة اللبنانية، ادت الى عرقلة مسيرة ومشروع كرم في اعادة تنظيم القائمقامية بعد تفاقم خلافاته مع دي بوفور استقال من مركزه في ٩ حزيران ١٨٦١ اخذ قراره بالعودة الى اهدن وترك المنصب لكي لا تقيّد حريته ولا يضطر الى المشاركة في طريقة الحكم الملتوية.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »