روّاد من بلاد الأرز

رشيد نخلة (1873 – 1939) شاعر لبناني لقب بأمير الزجل.

 

رشيد نخلة هو ناظم نشيد لبنان الوطني عام 1926 ولقب بامير الزجل سنة 1933 وهو أول من لقب بذلك في لبنان. وحين توفي عام 1939 في الباروك، رثاه الشاعر خليل مطران وقال: إذا ما روضة الآداب باهت… بعالي الدوح باهينا بنخلهْ كما رثاه شبلي ملاط بقوله:

الواسع الصدر، إلاّ أن يقال له….. لبنان قد مسَّه ضيم فيحتدمُ

نشأته وأعماله

ولد الشاعر رشيد نخلة في 6 شباط (فبراير) 1873 في بلدة الباروك. تعلم في بيته أولا ثم في مدرسة عين زحلتا ثم في مدرسة سوق الغرب الأميركية. باشر الوظائف، كاتب تحرير قائم مقامية بلاد الشوف، ثم في الجندية اللبنانية، فمدير العرقوب الشمالي 1907 خلفاً لوالده، وقائم مقام جزّين 1911. ثم تولى مديرية دير القمر الممتازة في 1914، وفي سنة 1915 نفي إلى القدس، وفي 1918 عين رئيس القلم العربي، ومدير معارف لبنان، فمدير الأوقاف والأديان والمصالح العامة في الجبل، وهذه الوظيفة أنشئت خصيصاً له، وألغيت عندما انفصل عنها. وفي عام 1920 عين مفتشاً للأمن العام. وفي 1925 عين محافظاً لصور، وبقي في المحافظة خمسة أعوام إلى أن أحيل سنة 1930 إلى التقاعد، وبرغم هذه المناصب احتقر نخلة السياسة ووصفها بشتّى النعوت: «قبر المروءة» و«حرفة المصلحة» ز«صناعة الحيلة»

في عام 1912 أسَّس جريدة الشعب في عين زحلتا، وكانت تُوزَّع مجّاناً «في سبيل الحرّية ولوجه الأدب» وحين عهد بها إلى ابنه ووحيده، الشاعر الشهير أمين نخلة كتب له:

فكن أنت برّاً يا أمين بعهده                      ومثلك منّي من بعهد الوفا

جُمعت أزجاله في كتاب بعد وفاته عنوانه «معنّى رشيد نخلة» بإشراف ابنه، الشاعر أمين نخلة، طبع في 1945 ببيروت، ونشر شعره في صحف كثيرة ومجلات، ومنها: البرق والمعرض والمكشوف، وله ديوان عنوانه ديوان الشاعر السماوي.

من أعماله المطبوعة قصة صغيرة بعنوان محسن الهزان في بيروت 1936 ثم طبعت في البرازيل عام 1940 ثم في صيدا ودمشق تحت اسم مستعار (د. ت)، و«غريب الدار» وهو كتاب في المراثي – بعبدا 1897، و«العواطف اللبنانية» – بيروت 1910 – و«كتاب المنفى»، قدم له أمين نخلة – منشورات المكتبة العصرية – بيروت 1956.

ومن أعماله المخطوطة: رواية عنتر وكتاب الماضي ومذكرات رشيد نخلة إضافة إلى رسائل رشيد نخلة. ورشيد نخلة هو شاعر أرسل أهازيجه بالفصحى وبالعامية، فقطّر فيها روحه اللبناني وحسّه الجمالي، وحرص على عذوبة الإيقاع وقوة الإفصاح عن العاطفة، فالتقى شعره وزجله عند جمال التصوير وفخامة الوصف وحماسة النفس وبلاغة التعبير.

بُويع رشيد نخلة بإمارة الزجل عام 1933 فكان أول أمير للزجل في لبنان. وقد أقيم احتفال كبير يوم 13 نيسان (أبريل) ذلك العام لمناسبة هذه المبايعة في «نادي الكريستال» لكن نخلة لم يحضره لأن ساقه كانت قد بُترت بسبب مرض السكّري الذي أصابه. وعن ذلك يقول عيسى اسكندر المعلوف:

كنتَ بالساقَين سبَّاقَ الورى                      وبساقٍ فُزت في خَصلِ السباقِ

يا رشيدَ القوم للتاريخ قل:                      ليس تحيا نخلةٌ إلاّ بساقِ

لاقى رشيد نخلة الكثير من التكريم الرسمي والشعبي في حياته وبعد وفاته، ففي العام 1950 أقامت له الحكومة اللبنانية تمثالا في بلدة الباروك، كما هناك شارع يحمل اسمه في منطقة رمل الظريف ببيروت.

طابعٌ بريديٌّ باسم رشيد بك نخلة

عشية عيد الاستقلال الـ 78  أطلقت وزارة الاتصالات طابعًا بريديًا باسم رشيد بك نخلة مؤلّف النشيد الوطني اللبناني.
وتم الإحتفال بهذه المناسبة يوم السبت ٢٧ تشرين الثاني 2021 في الباروك عند ضريح رشيد بك نخلة الساعة الثانية عشرة ظهرًا .

هو رشيد بن سعيد بك بن جرجس نخلة. والده كان ضابطا في الجيش العثماني تولى مديريتي سوق الغرب والعرقوب ونال لقب بك من الدولة العثمانية والوسام المجيدي والميدالية الحجازية. ولد في الباروك في العام 1873 وهذه السنة هي الـ 150 لولادته. تلقى تعليمه في مدرسة عين زحلتا ثم في مدرسة سوق الغرب الأميركية. تولى مناصب عدة منها “مدير العرقوب” خلفا لوالده ثم قائمقام جزين ثم مديرية دير القمر. أسس عام 1912 “جريدة الشعب” ومركزها عين زحلتا وكانت توزع مجانا في سبيل الحرية ولوجه الأدب. عندما عهد بها في العام 1925 إلى إبنه أمين كتب له: “فكن أنت برًّا يا أمين بعهده/ ومثلك من من يعهد الوفا”. بعد اشتعال الحرب العالمية الأولى 1915 نفي رشيد نخلة مع بعض أعيان لبنان إلى فلسطين. ضج الحنين به إلى لبنان وإلى وادي الصفا فكتب: “يا صفا العيش على وادي الصفا/ حسب حظي فيك ذكرى وكفى”. وبحسب كتاب جوزف أبي ضاهر “أمير الزجل” 2010، عاد رشيد من المنفى إلى لبنان ليواجه بطلب نفيه إلى الأناضول فتسلح وتخفى في الأودية ثم شكل حركة الفدائيين اللبنانيين في بيت الدين وصمم لها راية بيضاء في وسطها أرزة خضراء.

بعد إعلان دولة لبنان الكبير 1920 عين مفتشا للأمن العام ثم عين في العام 1925 محافظا لمدينة صور وأحيل على التقاعد في العام 1930. من مؤلفاته: “غريب الدار” 1898 و”العواطف اللبنانية” 1910. عام 1925 فاز بمسابقة النشيد الوطني “كلنا للوطن” وحفر إسمه إلى جانب النشيد في 53 كلمة. طلب رشيد نخلة أن تذهب قيمة الجائزة المالية إلى الفقراء. فكتب إليه وزير المعارف يسأله “إعلامنا الجهة التي تريدون أي ينحصر المبلغ فيها”. وجاء جواب الشاعر:

“الفقراء كما لا يخفى على الوزير الصديق، متكافئون في الحرمان، متماثلون في الخيبة، وفي تأخر رحمة الله التي وسعت السماوات والأرض وضاقت عليهم. فهو يرى معي، ولا ريب، أنه لا يجوز أن يفضل بعض الفقراء على بعض، في هذه العطية التي هي جهد المقل، والتي لا تغني عن فقر. ولكن معناها يدخل على أولئك المحزونين في ظل الحياة شيئا من البهجة، ويمثل لهم في صورة صادقة، صناعة المشتغلين بعواطف القلوب”.

جمع رشيد نخلة شعره الفصيح في ديوان بعنوان “ديوان الشاعر السماوي” بحسب وصف ولي الدين يكن له. أما الزجل فبرأيه هو لغة المهد وأن الأديب العربي إنما هو مترجم خواطره ترجمة. أي على عكس الشاعر العامي الذي يلقي فكرته إلى لسانه دون حاجة إلى الترجمة. إذ يفكر باللغة التي يكتب فيها. أما الأديب العربي فهو يفكر بالعامية ويكتب بالفصحى. أول كتاب زجل ظهر له هو رواية “محسن الهزان” 1926. في أيلول 1934 كتبت “نوفيل ليترير” الفرنسية عن رشيد نخلة أنه “مسترال لبناني”. وكتب الكاتب والسياسي الفرنسي موريس بارس بعد إطلاعه على زجل رشيد نخلة: “الآن عرفت ما كنت أجهله. أنتم جماعة الشعراء الشعبيين، تعيشون في بيوت الناس، ونحن نعيش في كتبهم فلا بدع إذ نراكم أشد حرارة منا”. بويع بإمارة الزجل عام 1933 ولم يحضر حفل مبايعته لسبب بتر ساقه.

غنت من أشعاره فيروز أغنية “أهلا وسهلا” ومن ألحان الأخوين رحباني. كما غنى له وديع الصافي “قلت وقالت” و”صار الحكي بيناتنا من دون حكي”. وغنى له سعيد الأطرش “ولفي جفاني”. ومن أزجاله نختار “الله معك يا إم القميص الزهر/ زهر الربيع هفهف ع حفة نهر/ ربك خلق كل الدني بأسبوع/ لكن عليك ضل ينحت شهر”.

توفي رشيد نخلة في سنة 1939 وأقيم له مأتم رسمي وشعبي في الباروك. يوم وفاته وقف المطران أوغسطين البستاني أمام سطوح آل علوان ونادى “بناء على وصية الفقيد الكبير تحذير تحذير” يمنع منعا باتا حمل النعش إلا من قبل دروز الباروك فقط”. منح وسام الإستحقاق المذهّب وأطلق إسمه على شارع في منطقة الظريف. وشيد له ضريح في العام 1950 وأقيم تمثال له ونقل رفاته إليه في العام 1966.

لا تزال كلمة الأمير الرشيد تسمع في طول البلاد وعرضها كلما عزف النشيد وردده المنشدون. ولا تزال أزجاله تستعاد، ولا تزال كلماته في احتقار السياسة في لبنان تتجلى حين وصفها “السياسة قبر المروءة وحرفة المصلحة وصناعة الحيلة”.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »