أخبار لبنانتربية وثقافةفضاء

رانيا محيو الخليلي: انتهاك صارخ لرواية «الغروب الأخير»

نهاية عام 2020 أصدرت عن دار مركز طروس في الكويت لمؤسسها وصاحبها الدكتور محمد الثنيان روايتي السابعة «الغروب الأخير». الرواية ككل روايتي تأخذ من طاقتي وجهدي، لا سيما في بناء التقنية المناسبة لموضوع الرواية، وللرسالة التي أضمنها في المعاني والمواقف والأحداث. رواية تركيبتها وإتقانها تعود لإدراكي الخاص ولإبتكاري في مجال التأليف. قبل أن أدخل مجال النشر تخصصت بالأدب الفرنسي، وبالنقد الأدبي بكافة مجالاته، ولا سيما في ال   psychocritique. لم أتوقع يومًا خلال مسيرتي الأدبية الطويلة التي بدأت فيها النشر من العام 2000 أن أكون في موقفي وموقعي الحالي للدفاع عن رواية كتبتها وأصبحت جزءاً من روحي تمامًا كما أبنائي.

إليكم ما حصل:

الأخصائية الإجتماعية السعودية الأستاذة هيفاء صفوق أصدرت مؤخرا من هذا العام 2023 الطبعة الأولى من رواية تحمل نفس عنوان روايتي «الغروب الأخير» لدى دار الخيال في لبنان.

بداية اعتقدت أنه مجرد تناص في العنوان، وهذا أمر يحدث في الأعمال الأدبية، ولا سيما أني اكتشفت قبيل  نشر روايتي عام 2020 أن هناك روايتين قديمتين بنفس العنوان واحدة في الثمانينات وأخرى في عام 2007، لكن بسياق وموضوع  ومضمون مختلف كليا، فطلبت من الناشر أن يكون عنوان الرواية «موعد مع الغروب»، لكنه أصر على «الغروب الأخير».

لماذا اخترنا عنوان «الغروب الأخير» الناشر وأنا؟-

في يناير عام 2020 كنت في رحلة إلى دولة الكويت للمشاركة بمهرجان القرين الثقافي بدعوة كريمة من المكتبة الوطنية في الكويت، خلال تواجدي هناك زرت مكتبة طروس للمشاركة بندوة أدبية، التقيت خلالها بصاحب دار ومكتبة طروس الدكتور محمد الثنيان. أخبرني الدكتور محمد أنه مهتم بالكتب التاريخية والسياسية والدراسات لكن يشرفه أن أساهم في داره بكتابة رواية. عدت إلى بيروت وبعدها مباشرة انتشرت جائحة الكوفيد، فاتصل بي الدكتور محمد وقال لي: سأرسل لك هذه الصورة، أتمنى أن تكتبي من وحيها رواية لدار طروس. كانت الصورة الشهيرة التي انتشرت في ذلك الوقت للمريض الصيني في ووهان الذي أنزله الممرض بسرير المستشفي لمشاهدة الغروب. وكان عنوان الصورة «الغروب الأخير». قضيت ساعات الحجر الطويلة بأيامها ولياليها وأنا أعمل على حبكة الرواية، أوثق تطورات الجائحة، عوارض الفايروس… وذلك من خلال قالب سردي وقصصي وتوثيقي في آن. وسأتحدث لاحقّا عن هذا القالب والسياق والحيثيات التي نجمعها بما يُسمى «التقنية الروائية». وقبيل انتهائي من كتابة الفصول الأخيرة للرواية، حدث انفجار 4 آب في بيروت. وهو كما تعلمون حدث عالمي لأنه ثاني أكبر انفجار غير نووي في العالم. وللمصادفة وقع الانفجارالذي شهدته قبيل الغروب. كان تأثري عميقًا بانفجارالمرفأ، فختمت الرواية به على وعد للناشر بكتابة الجزء الثاني من الرواية لأنها تحتمل ذلك، وثبتنا على عنوان «الغروب الأخير» على الرغم من تكراره.

تفاجأت منذ أسبوعين بأحد المتابعين على تويتر يعيد لي تغريدة كتبتها عن رواية «الغروب الأخير» ويعرض عليّ صورة لغلاف الأستاذة هيفاء صفوق يحمل نفس العنوان وحتى نفس فونت خط العنوان الغلاف في تصميم روايتي، اعتبرت الأمر مجرد تناص، إلى أن أخبرني أحدهم أنهم عرضوا روايتي على الأستاذة هيفاء واعتبرت أنني سرقت روايتها. لم أتوقع هذا الاتهام، توقعت أن تقول العنوان نفسه لكن المضمون مختلف. اتهامها لي جعلني أبحث عن روايتها، وليس هناك سابق معرفة بيني وبينها. وعلى الرغم من أني أنشر منذ العام 2000، لم أكن قد سمعت بدار نشرها وهي دار الخيال، اعتقدتها  بداية دارًا سعودية، وحين سألت أخبروني أنها دار لبنانية. بحثت عن رواية «الغروب الأخير» للأستاذة هيفاء، فاكتشفت أنها صدرت بعد روايتي بثلاث سنوات. فكتبت على العام أن روايتي صدرت قبلها بسنوات. وهي أول رواية لها، بينما كانت هذه الرواية الرقم 7 بإصدارتي وتلتها مؤخرًا رواية «أرامل الحي العتيق». حين أثبت بالتاريخ أن إصداري سبقها بزمن، وصلني من بعض متابعيها أن روايتي غير منشورة ولا موثقة ولا مسلجة، وبالتأكيد خرجت على العام وأثبت العكس. اشتريت الرواية لأقارن بين مضمونها ومضمون روايتي لأني قلقت أن يكون الأمر قد تعدى التناص، وهنا كانت المفاجأة، وسأعرض عليكم باختصار أبرز ما انتهكته الأستاذة هيفاء من روايتي:

أولاً: تبدأ روايتي بسميح الشخصية الرئيسية وهو مستلق على سريره بالمستشفى يهذي ويتأمل نتيجة إصابته بالحرارة جراء الكوفيد.

تبدأ الأستاذة هيفاء روايتها بوحيد الشخصية الرئيسية وهو مستلق على سريره يهذي ويتأمل دون سبب.

ثانيا: سميح في روايتي يتيم وعمل في أوروبا في مجال الطهو حيث اكتسب شهرة كبيرة، قبل عودته إلى الوطن نهائيا.

وحيد في روايتها يتيم عمل رساما في أوروبا واكتسب شهرة كبيرة وكان يتنقل بين الغربة والوطن.

ثالثًا: أحداث روايتي تجري بطبيعة الحال في المستشفى، مع تقنية فلاش باك تذكر سميح بالماضي.

أحداث روايتها تجري في فندق قديم دون سبب وجيه، وأيضًا تقنية فلاش باك تذكر وحيد بالماضي.

رابعا: في روايتي أم حسان العجوز المسنة جارة سميح وهي تعامله كوالدته.

في روايتها أسمته العجوز وهو مقرب من وحيد.

خامسًا: في روايتي الدكتورة ريانة تتقرب من سميح المريض بفعل علاجه من الوسواس القهري.

في روايتها وحيد يتقرب من جود دون مقدمات.

سادسًا: في روايتي الدكتورة ريانة تستمع لقصص المرضى المصابين بالكوفيد بفعل معالجتهم من التأثير النفسي لإصابتهم بالفايروس.

في روايتها جود تستمع لقصص من حولها دون أن نفهم لماذا وما الهدف من قصصهم ومن استماعها لهم.

سابعًا: ختمت روايتي كما أخبرتكم بانفجار مرفأ بيروت، لأنه حدث خلال مرحلة الحجر، وحصل خلال كتابتي الفصول الأخيرة للرواية.

في روايتها نجد في المنتصف ودون سبب ولا سابق إنذار وحيد يتحدث عن إنفجارات إرهابية حدثت في المملكة العربية السعودية بين عامي 2015\ 2016.

وبذلك تكون الأستاذة هيفاء قد نقلت القالب السردي لروايتي كما هو، بالشخصيات، بالسياق، واستتبعته بفصل أسمته «انفجارات» في محاولة لجعله يطابق نهاية روايتي  بانفجار مرفأ بيروت. كما ختمت روايتها بنفس العبارة التي ختمت فيها روايتي «الغروب الأخير». الأمر الوحيد الذي لم تنقله هو جائحة الكوفيد، ولو كانت فعلت لكان التعدي فاقعا جدا ومتكاملا بنسبة 100%.

انتهاك وتعد صارخ على جهد كبير بذلته من فكري وإحساسي خلال كتابة روايتي، فهي لم تكتفِ بنقل العنوان، وخط العنوان، نقلت القالب الروائي، التقنية التي بدأت فيها الرواية، وفي كل صفحة تقريبًا خاصة بدايات الرواية رصدت إعادة نقل لجمل أنا استخدمتها. الأمر أزعجني، وأغضبني، ليس فقط لجهة نقل حيثيات عملت على كتابتها ولكن لجهة الاستخفاف بحضوري الأدبي، بوجودي ككيان ينتزع منه جهده الفكري دون أن يعلم ذلك، ودون الاكتراث لاحتمال رد فعله في حال اكتشف ذلك.

 

عندما واجهت الأستاذة هيفاء على تويتر كتبت لي بتغريدة بأنها لم تنقل ولا حرف من روايتي والرواية أمامي والقانون بيننا. أخبرتها أن الأمر تعدى النقل الحرفي فهو نقل كامل للحيثيات والظروف والشخصيات لم تجبني وتجاهلت تساؤلاتي. لأجد منها تغريدة صباح اليوم تعيد اتهامها لي بأنني سرقت روايتها، ودليلها  صورة من حاسوبها تؤكد أنها أرسلت الرواية لدار الخيال عام 2017.  فكان ردي بعد التدقيق بالصورة من قبل ابني وهو يدرس هندسة كومبيوتر واتصالات في الجامعة:

التاريخ ممكن تغييره بواسطة تقنيات إليكترونية  متعددة حسب نوع جهازها.

– تساءلت من أين لي الحصول عليها وأنا لا أعرف دارها ولا صاحبها وفي نفس التوقيت كنت بصدد نشر روايتي «عشر سنوات وليلة»  مع طبعات جديدة لروايتيّ «سيدة ستراسبورغ» و«رواية أمين» لدى دار المعارف اللبنانية؟

– ثم إن كانت تشك بأن مخطوطها قد سرق من دار الخيال فيجب عليها محاسبة دار الخيال للتفريط به وهو أمانة عنده، لا أن تبقى علاقتها به جيدة حتى اللحظة على الرغم من أن مخطوطها كما تزعم أخذ من عنده فتعيد طباعته هذا العام بعد 6 سنوات من إرسالها المخطوط؟

كما تساءلت: لماذا بقيت روايتها الأولى هذه كل هذا الزمن عند دار الخيال ولم ينشرها لها في حين أنها نشرت عنده في تلك الفترة وبعدها العديد من المؤلفات ضمن اختصاصها في علم الاجتماع ؟

– لماذا لم تحاسبني عندما نشرتُ رواية «الغروب الأخير» عام 2020 على اعتبار أن لديها مخطوطا يشبهه، وكانت أمامها ثلاث سنوات بطولها للاعتراض لاسيما أني أعلنت عن إصداري بالكتابة على مواقع التواصل، وبالصوت والصورة عبر قراءة المقطع الأخير من الرواية؟ بينما أنا بغضون 3 أشهر وصلني إصدارها بنفس عنواني. وكذلك فعل النالشر دار طروس في الكويت.

– ولنفرض جدلا أني كنت قد حصلت على مخطوطها من دار الخيال بطريقة أو بأخرى، لست أنا من أعدت العنوان نفسه ولا استخدمت نفس فونت الخط على الغلاف. كيف لي أن أكون قد نقلت أمورا تقنية حدثت بعد طباعتي لروايتي؟

بالتأكيد لم أجد أي إجابة منها على كل تساؤلاتي هذه سوى تهديدات واتهامات.

فندت لكم وباختصار شديد كل نقاط التعدي وأعتقد تاريخ الإصدار ورقميَ الإيداع الموثقين لدى وزارة الثقافة والمكتبة الوطنية في الكويت خير دليل، ويؤكدان مصداقيتي المهنية والأدبية، ولاسيما أن «الغروب الأخير» ليست أول ولا آخر إصدار لي، وقد أخبرتكم عن حيثيات كتابتها، وكنت قد تمنيت لو تجاوبت الأستاذة هيفاء معي وشرحت لي حيثيات كتابتها للرواية ولماذا اختارت لها عنوان «الغروب الأخير».

كل ما أسعى إليه بكل جوارحي الآن هو استعادة ملكيتي الفكرية في رواية كتبتها بفكري ووجداني وأحاسيسي وصببت فيها جلّ خبرتي في المجال الروائي، كما أتمنى رد اعتباري المعنوي بهذا الحق وهو ما تنص عليه  حقوق الملكية الفكرية. روايتي أعتبرها جزء من روحي وهي كيان مرتبط بكياني. والروح عزيزة لا يمكن التفريط فيها لأي كان. ومعركتي لن تنتهي حتى أستعيد كامل حقوقي في «الغروب الأخير».

 

بيروت 14- 8- 2023

رانيا محيو الخليلي

أديبة وروائية

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »