أخبار لبنانسياسة

الديار: زيارة عبد اللهيان هدفها التأكيد على تماسك تحالف المقاومة اللبنانيّة والفلسطينيّة مع طهران الصمت السعودي عن ترشيح فرنجية مُستمرّ… فهل تخرج فرنسا من مُبادرتها قريباً؟ – نور نعمة

كتبت “الديار” تقول: رغم اختتام زيارته وتوجهه الى دمشق مساء امس، بقيت زيارة وزير الخارجية الايرانية حسين امير عبد اللهيان تحت «الاضواء» اللبنانية»، لا سيما ما خرجت به من نتائج ورسائل داخلية وخارجية. وتكمن اهمية زيارة عبد اللهيان الى لبنان في انها تأتي بعد شهر من اتفاق بكين، وانها تترجم المسار الايجابي للعلاقات بين طهران والرياض.

 

مصادر ديبلوماسية قالت لـ«الديار» ان عبد اللهيان في زيارته الى لبنان اراد ارسال اكثر من رسالة:

– الرسالة الاولى: اتت من مطار رفيق الحريري الدولي بأن ايران ما زالت على موقفها من حزب الله الذي يحرص على معادلة «شعب جيش مقاومة»، لتبعث رسالة الى الملكة العربية السعودية ان طهران ليست بتاتا في صدد البحث في مسألة سلاح المقاومة، وان هذه مسالة ثابتة ونهائية.

 

– الرسالة الثانية: الدعوات التي وجهت الى النواب، حيث اراد ان يقول وزير الخارجية الايراني انه لا يلتقي فقط مع مسؤولي الثنائي الشيعي، بل ايضا هو منفتح على اكثر من فريق سياسي، وحتى ان الجمهورية الاسلامية الايرانية صديقة مع معظم مكونات الشعب اللبناني.

 

– الرسالة الثالثة: اصرار عبد اللهيان على التحدث عن الاتفاق السعودي – الايراني كمحطة اساسية على مستوى المنطقة، ليقول للرياض من خلال هذا الحديث ان طهران تسير قدما في هذا الاتفاق.

 

– الرسالة الرابعة: ألا يتم الطلب من ايران التدخل لدى حزب الله في الخيار الرئاسي، اي عمليا مباركة ايرانية للمبادرة الفرنسية الداعمة لرئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية مرشحا لرئاسة الجمهورية.

 

باختصار، تدل زيارة وزير الخارجية الايراني الى لبنان الى أن التقارب السعودي – الايراني يسير بخطى ثابتة بين هذين البلدين، الا ان كل دولة تبقى لها خصوصيتها، ولذلك اراد عبد اللهيان ان يميز بين الاتفاق بين الرياض وطهران، وبين مقاربة دول اخرى منها لبنان، ولذلك تقصّد القول ان ايران ستدعم دوما المعادلة السائرة في لبنان «شعب جيش مقاومة».

في المقابل، رأت المصادر الديبلوماسية ان السعودية تتفاعل ايضا مع معطيات دول المنطقة وفقا لاستراتيجيتها الخاصة بها، اي بمعنى آخر ان الرياض قالت لباريس بشكل واضح اذا كان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، المتمسك بفرنجية، قادرا على انهاء الشغور الرئاسي في لبنان فليفعل ذلك. وهذا ما حصل خلال زيارة ماكرون للرياض واجتماعه مع ولي العهد محمد بن سلمان الذي لم يرد ان يقول «لا» لماكرون، بل استخدم الديبلوماسية في مقاربته المبادرة الفرنسية بترك المجال لجهود الرئيس الفرنسي بالقيام بما يريد فعله في لبنان.

 

انما في الحقيقة، تضيف المصادر الديبلوماسية، ان موقف ولي العهد انه لن يتدخل لدى اصدقائه في لبنان ليطلب منهم التصويت لفرنجية وايصاله الى قصر بعبدا، فضلا عن ان الرياض تعلم ان حظوظ فرنجية حتى اللحظة ليست عالية، وان الثنائي الشيعي لم يتمكن من تأمين الاصوات في البرلمان لفوز فرنجية رئيسا. وخلاصة القول، وبحسب المصادر، ان ميزان القوى في لبنان لا يسمح للثنائي الشيعي بايصال مرشحه الى الرئاسة، وهذا امر تدركه جيدا المملكة العربية السعودية.

واغلب الظن، ان ايران والسعودية في هذه المرحلة بالذات تريدان ترك معالجة الامور لحلفائهما اللبنانيين، وهذا يعني ان لا انفراج في موضوع الاستحقاق الرئاسي، وستبقى حالة الجمود السياسي هي السائدة، بانتظار ان تتراجع باريس عن مبادرتها عندما ترى ان خيارها لم يتمكن من التمشي مع التوازنات السياسية اللبنانية القائمة بعد الانتخابات النيابية.

 

وانطلاقا من ذلك، تتوقع المصادر الديبلوماسية ان تتم مقاربة انتخاب رئيس للجمهورية بطريقة مغايرة، وعندئذ سيشهد لبنان تبدلا ايجابيا في المشهد السياسي، من المرجح ان يؤدي الى انهاء الشغور الرئاسي الذي طال امده. انما تتساءل المصادر الديبلوماسية متى ستخرج فرنسا الديموقراطية من مبادرتها، وتلجأ الى مرشح رئاسي يتلاقى الى حد مقبول مع ابرز القوى السياسية اللبنانية؟

 

زيارة عبد اللهيان للتأكيد ان ايّ تسوية لن تأتي على حساب لبنان

من جانبها ، تكشف اوساط في محور المقاومة لـ «الديار» ان زيارة وزير الخارجية الايراني تشير الى وضع لبنان على سكة الحلول والتقارب الاقليمي والدولي، اذ لا بد للبنان ان يستفيد من هذا التقارب ولو بعد حين. وتلفت الى ان اللقاء النيابي في السفارة الايرانية بين عبد اللهيان وما يقارب الـ 15 نائباً، يعكس الانفتاح الايراني على المكونات اللبنانية وليس فقط على حلفائه، وهذه ايجابية تسجل للجانب الايراني. وقد استثنى «القوات» من الدعوة بسبب اتهام ايران لـ «القوات» بخطف وقتل الديبلوماسيين الاربعة الذين اعلنت السلطات الايرانية مقتلهم منذ اسابيع بعدما كانوا في عداد المفقودين لاربعة عقود.

 

وتؤكد الاوساط ان عبد اللهيان لم يحمل اي مبادرة رئاسية، بل هدف الى طمأنة اللبنانيين، لا سيما الحلفاء، ان الملف اللبناني في عين الاهتمام الايراني، ومهما حصل من تسويات في المنطقة، فإنها لن تكون على حساب لبنان. وتلفت الى ان مواقف عبد اللهيان في مؤتمره الصحافي، اتت لتؤكد تماسك تحالف المقاومة اللبنانية والفلسطينية مع طهران ودعم الاخيرة لهما بكل ما اوتيت من قوة، وكذلك الوقوف الى جانب الرئيس السوري وسوريا في محنتها.

 

«الوطني الحر»: حذرنا منذ سنوات من مخاطر النزوح

وفي الملف السوري، تساءل مصدر في «التيار الوطني الحر» عن استفاقة بعض القوى السياسية لتداعيات النزوح السوري على لبنان في الاسابيع الماضية وبشكل فجائي، مع تكاثر التصريحات المنددة بخطورة بقاء النازحين في لبنان، والتشدد معهم في عدة قرى ومدن، في حين لم يكن ملف النزوح سابقا محور اهتمام هذه القوى، حتى ان البعض منها كان من المدافعين عنهم. ولفت المصدر الى ان «التيار الوطني الحر» تطرق الى مخاطر النزوح السوري منذ عشرة سنوات، والبعض اتهمه بالعنصرية وبالطائفية، علما ان «الوطني الحر» قارب ملف النزوح من منطلق وطني وسيادي واجتماعي واقتصادي.

 

وعليه، اعرب المصدر عن اسفه وحزنه من ان بعض القوى السياسية نسيت معاناة المواطن اللبناني، ولم تكترث للمعاناة التي عاشها من جراء النزوح السوري وتداعياته اجتماعيا، فضلا عن الانهيار المالي والاقتصادي الذي دفع اللبناني كلفته وحده. وعلى سبيل المثال، ان اللبنانيين في طرابلس وعكار ذاقوا الامرّين من النازحين السوريين بعد ان اخذوا وظائفهم، وبالتالي حرموا من الحصول على راتب يلبي حاجاتهم ،ولكن الغريب في الامر ان بعض الطرابلسيين والعكاريين هم اول المدافعين عن بقاء النازحين السوريين والسبب النعرة الطائفية.

وتابع المصدر ان لبنان اصبح اكثر بلد لديه نازحون سوريون نسبة لعدد سكانه، الى جانب تدهور الاحوال المعيشية، ومن الطبيعي ان ينفجر الوضع. وهنا رأى ان الاوروبيين يظلمون لبنان وشعبه من خلال توجههم الى دمج النازح السوري في المجتمع اللبناني، معلنا رفض هذا المنحى، ومتوعدا بالتصدي له.

 

اما على الصعيد الرئاسي، فقد قال المصدر في «التيار الوطني الحر» لـ «الديار» ان شخصية الرئيس في قصر بعبدا ليست نهاية الازمات في لبنان وحلحلة الامور، بل بداية اي حل حقيقي للوطن، يبدأ من خلال انتخاب رئيس جمهورية وتأليف حكومة وبرنامج اقتصادي، حيث يكون هناك تعاون وتجانس بين الرئاسة الاولى والرئاسة الثالثة، لكي يحكم البلد بطريقة فعالة تؤدي الى بدء تعافي لبنان من ازمته الاقتصادية.

اضاف المصدر ان هذه القناعة تكونت لدى «التيار الوطني الحر» من خلال تجربة عهد الرئيس ميشال عون، حيث ان ادارة البلاد كانت تسير بشكل صحيح وتم تحقيق انجازات، ولكن سرعان ما تغيرت الظروف وحصل ما حصل مع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، حتى اصبحت الفوضى مهيمنة على كل مؤسسات الدولة، وعليه، اصبح الحكم في لبنان يواجه عوائق كثيرة واصبح لبنان في عين العاصفة.

 

ترشيح فرنجية والسعودية

وتنظر اوساط «الثنائي الشيعي» بارتياح لمواقف النائب السابق سليمان فرنجية خلال اطلالته المتلفزة منذ ايام، وانفتاحه على الحوار مع مختلف القوى السياسية، لا سيما المسيحية منها. وتشير الاوساط الى ان ترشيح فرنجية يتقدم داخلياً، مع وجود اتصالات يقودها الرئيس نبيه بري وحزب الله مع شخصيات نيابية سنية ومستقلة و»تغييريين» لتحقيق التقدم المطلوب لدعم ترشيح فرنجية. بينما يقوم فرنجية باتصالات محلية عبر اصدقاء مشتركين، وايضاً مع قوى خارجية عبر سفراء ورجال اعمال تربطه بهم صداقات قديمة.

 

وعن سبب الصمت السعودي، تؤكد الاوساط ان الصمت السعودي ليس سلبياً، فعدم اعلان «الفيتو» على فرنجية ورفضه او حتى اعلان تأييده، يعني ان السعودي يترك الباب مفتوحاً للتفاوض و»قبض الثمن». فالسعودية ليست جمعية خيرية، فهي تسعى الى تحقيق مكاسب في الملف اليمني اولاً والخروج من مأزق الحرب، ومن ثم الانتقال الى ملفات اخرى في المنطقة.

 

«التيار» و«القوات» يكرران الخطأ ذاته باختيار الفوضى

على صعيد آخر، تقول اوساط سياسية لـ «الديار» ان «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية» يعيدان تكرار الخطأ نفسه، برفض وصول الوزير السابق سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية واستمرار الفراغ والفوضى، على غرار ما حصل عام 1988 عند انتهاء ولاية الرئيس السابق امين الجميل وطرح معادلة «اما مخائيل الضاهر او الفوضى»، فرفضت «القوات» والرئيس السابق ميشال عون الضاهر رئيسا، فشهد لبنان المزيد من الويلات والحروب والمآسي آنذاك.

 

«القوات»: لن نطبّع مع الامر الواقع

من جهتها، اعتبرت مصادر في «القوات اللبنانية» ان وضع اللبنانيين امام معادلة إما هذا المرشح الرئاسي وإما الفوضى، هو امر مرفوض بشكل حاسم، مؤكدة ان ما رفض سابقا يرفض اليوم ومستقبلا. وتابعت المصادر ان الانتخابات الرئاسية تتم في البرلمان، فضلا عن ان فريق الممانعة حكم وتحكّم منذ 2005 بالقرار السياسي، واظهرت الوقائع ان سياسات الممانعة اوصلت لبنان الى الفشل. واضافت ان «القوات» ليست في صدد التمديد لست سنوات جديدة للانهيار والفوضى والفشل، ولذلك لا يمكن ان نقبل هذا الواقع.

 

ولفتت المصادر الى انه لو عدنا بالزمن الى الوراء، ستعود «القوات» الى اتخاذ الموقف ذاته، لان الفريق الآخر يهددنا بانه اذا هنالك من ملامح تسويات علينا الانخراط فيها، في حين ان «القوات» هي التي ابرمت تسويات ادت الى انهاء الحرب الاهلية، وتؤيد اي تسوية يكون عنوانها الدستور والقانون والدولة، اما ان نغطي ما يسمى بالتسوية، فهو بالحقيقة هزيمة نكراء وانقلاب على التسوية.

 

ولفتت المصادر «القواتية» الى ان ما حصل في التسعينات كان انقلابا على اتفاق الطائف، وبالتالي لا يمكن ان نكون شركاء في تسوية «زائفة». وتابعت اذا كان هناك اليوم من يقول ان «القوات» ندمت على موقفها في التسعينات، فهذا امر غير صحيح، وهي لن تطبع حاليا مع الامر الواقع، ومن يهددنا ان عقارب الساعة ستعود الى الوراء، تقول المصادر لهذا البعض، ان زمن التسعينات ولى، ونحن اليوم في مرحلة مختلفة ومعطيات مغايرة، والشعب اللبناني عايش المخاطرة عندما حكم رئيس للجمهورية من فريق الممانعة وانتفض في 17 تشرين.

 

وحول تأييد الثنائي الشيعي لرئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية، قالت المصادر لـ «الديار» ان لا معطيات حتى الآن بامكان ايصال فرنجية الى قصر بعبدا، كما ان ميزان القوى الخارجي والداخلي لا يدل على قدرة فرنجية بان يصبح رئيسا، كما ان حليف الثنائي الشيعي النائب جبران باسيل يرفض ايضا ان يكون سليمان فرنجية في سدة الرئاسة. اما نحن كـ «قوات لبنانية» وقوى معارضة تتلاقى على خط سياسي واحد، فسنمنع وصول رئيس للمانعة الى قصر بعبدا.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »