“أنا المسيحي الذي يزيد وزني في رمضان” بقلم المهندس باسل قس نصر الله
رمضان مضى والفطر مضى وذكرياته تبقى في ذاكرةِ مسيحيٍ عاشه طفلاً وشاباً ورجلاً.
عندما يأتي رمضان كل عام، أُدعَى إلى موائدِ الإفطار والسحور، وأنا أكون قد أكلتُ صباحاً وظهراً ومساءً، ولا أوفّر وجبة – كما تشتكي مني أم العيال – ثم أذهب إلى الإفطار لمشاركة إخوتي المسلمين.
كم هي جميلة “سورية”.
ما كنتُ لأصبح مستشاراً لمفتي الجمهورية لولا أنني في سورية.
وقد قال سفير سورية السابق في الأمم المتحدة “بشار الجعفري” خلال محاضرة له في معهد “تشيلر” بواشنطن وبحضور شخصيات وأعضاء من الكونغرس الأميركي:
“إذا أردنا التحدث عن العلمانية .. ففي سورية فقط يكون مستشار المفتي المسلم … مسيحي”
لا أعرف لماذا يعتقد الناس أن كوني مستشاراً للمفتي المسلم يعني ابتعادي عن أداء الشعائر الدينية المسيحية، وفي إحدى الأسئلة التي وجهتها إليّ قناة العربية في مقابلة سابقة عن أدائي للطقوس المسيحية فأجبتهم: “بالتأكيد، يعني كأي مسيحي آخر. وأمارس أيضاً بقية شعائر الأيمان الأخرى”.
لم يفهموا حضارة سورية والعيش بين الأديان فيها منذ دخول الإسلام إليها.
وسألتني “قناة العربية” عن مشاركتي بالطقوس الإسلامية فأجبتهم:
“دينياً لا أشارك، والسبب هو احترامي للإسلام، فأنت لا تستطيع أن تكون مزيَّفاً لإرضاء الآخرين فتخدعهم. يعني التزييف واضح إذا مارستُ الصيام. أنا أدخل المساجد وأستمع إلى خطب الجمعة، وأحترم الإسلام والمسلمين ولا أمارس التزييف معهم، وهم يحبوني لأجل ذلك”.
وكنتُ على إحدى الفضائيات الاوروبية، وقالت لي المذيعة – بشكلٍ عدواني – جازمة أن “النظام السوري” استخدمني ليُظهر إلى العالم أنه نظام منفتح، فقلت لها بكلامٍ هادئ:
“سيدتي لقد تمّت تسميتي عام ٢٠٠٦ أي قبل الأزمة بخمسة أعوام، ولا بأس أن أكون الحالة الوحيدة في العالم وأن أكون من السياسة السورية الناعمة”.
ثم تابعت “نحن ما زلنا نجتمع أبناءَ صفوف مدرسة “الفرير” في حلب، أو كما تمّت تسميتها “الأخوة”.
أولادٌ كنّا منذ ستين عاماً تقريباً، المسلم والمسيحي وحتى اليهودي آنذاك، والعربي والأرمني والكردي”، ونجتمع ولكأننا ما زلنا في الصف، ننادي بعضنا البعض بأسماء طفولتنا، واليوم أتت هذه الحرب أو الأزمة لتبعدنا الأجيال عن بعضها”.
“سيدتي .. إذا كنتُ أجلس أمامكِ وأنا أتكلم معك بلغة بلدك، فهذا لأنني إبن الحضارة السورية.
نعم سيدتي، ففي رمضان يزيد وزني لأن الكثير من المسلمين يدعونني إلى موائدهم في الإفطار أو السحور”.
“إنكم لن تفهموا هذه الحالة السورية والنكهة السورية والعطر السوري”.
اللهم اشهد اني بلغت